أكد الدكتور محمد عبدالوهاب العلالي، منسق ماستر التواصل السياسي والاجتماعي بالمعهد العالي للاعلام والاتصال، على أن جائحة كورونا وضعت الإعلام بشكل عام أمام وضع يطغى فيه عدم وضوح في المعلومات المقدمة حول الجائحة من طرف الحكومات، وأصبح الصحافيون جزء من المتلاعب بهم في خضم ملايين الصور والفيديوهات التي تقدم المعلومات ونقيضها، وهو الأمر الذي يضع الصحافة الاستقصائية في قلب العمل من أجل استجلاء الحقائق ومحاربة الأخبار الكاذبة.
وأشار الدكتور العلالي، في الندوة الرقمية التي نظمها مركز مدى، حول الصحافة الاستقصائية في زمن الكورونا، نهاية الأسبوع المنصرم، إلى أن أول ضحايا الكارثة هم صحافيون استقصائيون بالصين، إذ بالرغم من الجهد العظيم الذي بدلته الصين في مكافحة الوباء، إلا أن التضييق الذي كان على الصحافة، أعطى مؤشرا دالا على أهمية هذه الصحافة في كشف الحقائق، كما أنه وضعها في الصف الأول أمام تعنت الحكومات والرؤساء، وكنموذج على ذلك، طريقة ترامب في التعاطي مع معطيات هذه الصحافة، وذكر الدكتور العلالي بالتصريح الذي أطلقته مفوضية الأمم المتحدة حول أن وسائل الإعلام الحرة هي ضرورية لنا جميعا في المرحلة الراهنة، خصوصا في مراحل هذه الجائحة، بحيث أن وسائل الإعلام في الحاجة إلى معلومات دقيقة.
يرى الصحافي ومدير الشبكة اليمنية للصحافة الاستقصائية (يمان)، أحمد الواسعي، أن دور الصحافة الاستقصائية اليوم أكثر أهمية، بالنظر إلى الاخفاء الممنهج للمعلومات الذي تمارسه الحكومات، لأن مهمة هذه الصحافة هي “الكشف أولا”، وتحري الشائعات الكثيرة التي يتم تداولها، شائعات من شأنها أن تشكل تهديدا على حياة المواطنين، وفي هذا الإطار أعطى نموذجا باليمن الذي يعيش وضعية سياسية متسمة بالانقسام، وكل سلطة أو كيان يسعى إلى استثمار هذه الجائحة ولو بمعلومات غير دقيقة، ما جعل اليمن أمام تأزيم أكثر للوضعية بخصوص توفر التجهيزات، وانتشار أخبار كاذبة حول الأدوية واللقاحات.
أشار الأستاذ أحمد الواسعي إلى أن طبيعة عمل الصحافي الاستقصائي تتطلب أحيانا مدة زمنية طويلة حسب نوع التحقيق، ولكن في ظل هذه الجائحة وخطورة المعلومات التي يتم تداولها، يتطلب الأمر سرعة في الانجاز حتى لا يكون المواطنون أمام تدفق للمعلومات الكاذبة والتي قد تؤثر على حياتهم، كما أن معلومات من قبيل كيفية ظهور هذا الوباء وطريقة انتقاله، تحتاج إلى صحافيين يعملون على التحري بشكل دقيق لتجاوز أزمات مماثلة في المستقبل.
يرى، أحمد الواسعي، أن مسؤولية المبادرة ملقاة على عاتق الصحافيين، فلحد الآن لم نرى تحقيقا له علاقة بكورونا في الوطن العربي.
الصحافي المغربي “عمر الراضي” الذي أنجز تحقيقات صحفية كان لها أثر في العديد من القضايا ذات الاهتمام من طرف الرأي العام، أبرز في مداخلة له، بهذه الندوة التي نظمها مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية مدى، أن الصحافة بشكل عام لها دور مهم خلال هذه الأزمة التي يمر بها العالم، سواء منها التي تعمل على تقديم أخبار ومعلومات دولية، أو التي تشتغل على التحقيقات، مشيرا إلى أن السياق الذي نمر منه اليوم، في العالم كله والمغرب ضمنه، يشهد مؤشرا في تصاعد السلطوية، وهو الأمر الذي يضع صعوبات أمام بروز الصحافة الاستقصائية. ففي المغرب نجد أن المعلومات التي تعلن عنها الدولة نادرة، بحيث تكتفي بإعلان حالات الإصابة، والشفاء والموت. والتنقل داخل الفضاء العام في الحجر الصحي، أصبح حكرا بشكل مطلق على السلطة، ما يجعلنا أمام صورة غير مكتملة لما يقع، كما أن هناك حديث عن وضع برمجيات لتتبع تحركات المواطنين عبر العالم كله، ما يضعنا في مختبر عنوانه “كيف نتحكم في البشرية وتحركاتها؟”.
يرى “عمر الراضي” أن دور الصحافي اليوم هو الاتجاه في البحث عن كيف ستصرف أموال صندوق تدبير الجائحة، فنحن مقبلون على أزمات على مختلف الأصعدة، ومن حق الرأي العام أن يعرف ماذا يقع، ودور الصحافة الاستقصائية هي البحث عن ما وراء المعلومات المعلنة، خصوصا في ظل تقديم ممنهج لمعلومات لا تكفي لتكوين تصور متكامل.