دعوة استكتاب : تدبير الأزمات والكوارث في المجتمعات المغاربية
لا تعترف الأزمات والكوارث بصلابة أو هشاشة البنيات السوسيو-اقتصادية والثقافية والسياسية، بل لهذه المخاطر القدرة على اختراق البنيات عبر هدمها وتحطيمها، ما يترتب عنها تراجعات بنيوية على المستويات الصحية والبيئية والسياسية والسوسيو-اقتصادية. فإذا كانت الحروب النووية والبيولوجية والتعديلات الوراثية التي مست العالم؛ قد دفعت الباحث أولريش بيك Ulrich Beck إلى نعت المجتمع المعاصر بمجتمع المخاطرة، ناظرا إليه كعالم للفوضى واللايقين بفعل الآثار المدمرة للكوارث والاضطرابات الطبيعية البيئية والاجتماعية والمالية والسياسية، فإن مساحة اللايقين تبث لدى الوعي الجمعي والسياسات والمخططات نوعا من التوتر والتردد في إدراك المخاطر واحتمالية وقوعها بغرض التحكم في نتائجها.
تؤكد سلسلة الأحداث المتلاحقة في المجتمعات المغاربية على الأقل منذ مطلع القرن الواحد والعشرين؛ كزلزال إقليم “الحوز” بالمغرب وإعصار “درنة” بليبيا وقبلها جائحة كورونا العالمية وارتفاع أسعار المحروقات… أننا نعيش اليوم في عالم تسوده الأزمات والكوارث، سواء اتخذت طابع كوارث طبيعية على شاكلة زلازل وفيضانات وأعاصير، أو تلك المتعلقة بالمجاعات والأوبئة والأمراض كإنفلوانزا الخنازير والإيبولا وكوفيد 19، أو ذات ملمح اقتصادي عنوانه التضخم المالي وتراكم الديون، هذا إلى جانب الفوضى السياسية الواضحة في الانفلاتات الأمنية والصراعات الأيديولوجية والسياسية حول السلطة حال المجتمع الليبي. وضحية هذه الصراعات هم المدنيون الذين يرتفع في صفوفهم القتل والتشرد والتوترات النفسية والفقر وانتهاك حقوقهم، والخطير في الأزمة بغض النظر عن لونها هو الطابع الفجائي الذي يقض أمن المجتمع والدولة والأفراد والاقتصاد، ما يقتضي تدخلا مستعجلا قادرا على الإحاطة بالمخاطر والفرص المتاحة ووضع التدابير الاحترازية للتحكم في نتائج أي أزمة أو كارثة.
ترتبط المخاطر التي تعترض المجتمعات المعاصرة – سواء تعلق الأمر بالأزمات والكوارث- بتصنيف المخاطر وتحديد الفاعلين المؤهلين لإدارتها وكيفية التقليل من حدة نتائجها. إذ لاحظنا في زلزال المغرب؛ أنه بقدر ما كانت شبكات التواصل الاجتماعي فاعلة في نشر ثقافة التضامن بين مختلف مناطق المغرب، بقدر ما كانت فضاء لترويج لإشاعات التي بثت الرعب في صفوف المغاربة، ودفعتهم إلى سلوكات أربكت تدخلات الدولة وعرضت سلامتهم للخطر. إذ تستثمر الإشاعات التوقعية في السوق الالكترونية بغرض الرفع من نسبة المشاهدات الإلكترونية، فهي غير مبالية بحق الإنسان في السلامة النفسية والجسدية دون أن ينتابه القلق أو الخوف. وبما أن مسألة توقع الأزمات والكوارث علميا مسألة معقدة وأحيانا غير دقيقة بل وغير ممكنة، فإن إدارة هذه المخاطر تستوجب اتخاذ قرارات سريعة وناجعة بناء على الخيارات المطروحة والفرص المتاحة، والمقاربات الموظفة وكفاءة النخب.
يستدعي التحكم في تدبير مختلف الأزمات والكوارث وجود إرادة سياسية تقود أحيانا إلى إعلان حالة الطوارئ داخليا وخارجيا مع ما يترتب عنها سواء على مستوى مأسسة هذه الحالة، أو على مستوى تبعات الكوارث النفسية والسوسيو-اقتصادية والحقوقية وغيرها. وقد تبين للعالم يوم 8 شتنبر 2023 حاجة المناطق المغربية المتضررة من الهزات الأرضية لتنمية مستدامة حقيقية، تركز على الجانب الإنساني وعلى البنيات التحتية، وكذا على سياسة واضحة في مجال الحفاظ على تراث المنطقة بعد الإعمار، كما كشف الزلزال عن الهشاشة الاجتماعية، وتردي الأوضاع السوسيو-اقتصادية في مناطق منكوبة لها خصوصية ثقافية ومعمارية وبيئية، ولربما هو الأمر الذي فطنت إليها السلطات العليا في البلاد، حيث أصدر الديوان الملكي بلاغا مؤرخا بيوم 14 شتنبر 2023 يوصي بضرورة إعادة إعمار المناطق المتضررة مع الحفاظ على خصوصياتها المعمارية العمرانية والثقافية.
في إطار التفاعل الأكاديمي مع مجريات الكوارث والأزمات في المجتمعات المغاربية، ومحاولة فهم تدبيرها الداخلي والخارجي وتبعاتها الاقتصادية والمجالية والعمرانية والحقوقية، والتي استدعت تدخلات عاجلة للدول المغاربية وشركائها المحليين والخارجيين، وعموم المتطوعين وفعاليات المجتمع المدني استجابة لحاجيات المتضررين، فإن مركز الدراسات و الأبحاث الإنسانية – مدى – يتوجه إلى عموم الباحثات والباحثين في حقل العلوم الاجتماعية، والمهتمين بموضوع الأزمات والكوارث في المجتمعات المغاربية إلى تقديم مقترحاتهم البحثية للمساهمة في النقاش العلمي حول تدبير الأزمات و الكوارث، وذلك وفق المحاور المقترحة التالية :
– التمييز بين مفاهيم المخاطر والأزمات والكوارث وتبايناتها.
– التمثلات الاجتماعية للأزمات والكوارث.
– المجتمع المدني والدولة وآليات تدبير المخاطر.
– صناعة القرار السياسي في زمن الكوارث والأزمات.
– ثقافة التضامن والتدبير الاجتماعي للمخاطر.
– تدبير مسألة إعادة إعمار المناطق المنكوبة.
– منطق التدخلات الدولية في زمن الأزمات و الكوارث.
– المقاربات الوقائية من الازمات و الكوارث.
– قيمة التطوع في زمن الأزمات و الكوارث.
شروط المشاركة
- تقديم ملخص وفق عدد كلمات يتراوح بين 650 و700 كلمة يتضمن عنوان المقترح البحثي وإشكاليته وفرضياته ومنهجه ولائحة مختصرة بالمراجع التي سيستند إليها الباحث؛
- إرسال مختصر سيرة علمية للباحث تتضمن مدينة المشارك – رقم الهاتف – البريد الإلكتروني – الدرجة العلمية – التخصص البحثي – الجامعة- المنشورات العلمية للباحث، وعلى وجه الخصوص ما له صلة بموضوع الاستكتاب؛
- رصانة الورقة البحثية وعدم نشرها أو المشاركة بها في ملتقيات أو إصدارات سابقة؛
- أن يكون الملخص له صلة بمحاور موضوع الاستكتاب أو متضمنا لموضوع يتقاطع مع محاوره؛
- أن يحترم الملخص والورقة البحثية النهائية المعايير التالية: نوع الخط Traditional Arabic بحجم 14 للمتن و12 للهامش؛
- أن تتضمن الورقة النهائية عدد كلمات يتراوح ما بين 5000 و 7000 كلمة؛
- أن ترفق الورقة النهائية بملخصين باللغتين العربية والإنجليزية بحيث يتراوح عدد الكلمات في كل ملخص ما بين 150 و 200 كلمة، مع ضرورة أن يرفق الملخصان بالكلمات المفاتيح التي لا ينبغي أن تتعدى خمس كلمات؛
- أن تتقيد الورقة البحثية بمواصفات التوثيق وفق نظام جمعية اللغات الحديثة MLA؛
- تقدم الأوراق النهائية على شاكلة أوراق سياسات أو مقالات علمية أو قراءات نقدية في كتب أو ترجمات أو دراسات ميدانية لها صلة بموضوع الاستكتاب.
مواعيد هامة
- إرسال ملخصات الأوراق البحثية قبل 20 أكتوبر 2023.
- إعلان نتائج انتقاء الملخصات البحثية يوم 30 أكتوبر 2023.
- التوصل بالأوراق البحثية النهائية قبل20 نونبر 2023.
- تنظم الندوة يوم 2 دجنبر 2023.
- ترسل الملخصات والأوراق البحثية النهائية على البريد الإلكتروني الآتي: [email protected]
- تنشر الأوراق البحثية المقدمة في عدد خاص بمجلة رهانات.